حلم أم شيء آخر
كل شخص يحلم نعم ، يحلم بواقع أفضل بتحسين حالته المادية ، كل مدينة ( أي سكان المدينة ) تحلم بتحسين حالتها الاقتصادية والعمرانية ، ولكن لا يوجد مدينة عاقلة في العالم تحلم بهدم آثارها العريقة وتاريخها المشرِّف وتشويه شخصيتها الحضارية وطَمس معالمها الفنية الجَمالية ، أبني مزيداً من الإسمنت وأخسر مزيداً من الأصول ، ألا يمكن للعالم النامي أن يرتفع على التخلف قليلاً ويتصالح مع ماضيه العريق ويحفظ أصالته للأجيال القادمة التي لا ذنب لها حتى يحرمها من شخصيتها الحضارية فلا تعرف من هي ولماذا هي موجودة .
هل يصدق أحد أن السائح العربي والأجنبي يجيء لمدينة حمص ليرى أبنية الإسمنت الخالية حتى من الذوق والجمال ، يأتي السائح لبلد ما ليرى آثاره وحضارته وعراقته بالإضافة إلى طبيعته المُميِّزة له عن غيره من بلاد العالم ، لمشاهدة تراثه وعاداته وتقاليده وطُرُز بنائه وأزيائه .
وسط مدينة حمص يمثل شخصيتها الحضارية الأصيلة والتراثية والجمالية ، يمكن تحقيق الأحلام بعيداً عن الجوهر والقلب الأثري – أو ما تبقّى منه – الأحياء القديمة التي تُهدم يومياً ، لم نَرَ منذ زمن طويل أي ترميم لقلعة حمص وبيوتها الأثرية إلا ما ندر أو محافظةً على آثارها النفيسة – سوى بعض آثار تدمر العريقة – أو اهتماماً بمتحفها الذي تَقشَّرَ دهانه الخارجي أمام الناظرين ولم يُجَدَّدْ بعد .
مدينة تحلم بالازدهار ستكون مدينة بلا جذور ولا ثقافة صلبة إذا أَهملت وأزالت آثارها ، احلم كما تريد أيها الحالم الحمصي في 95 بالمئة من المدينة وطَوِّرْها ولكن يحق لنا أن نسأل لماذا يُصرّ البعض على هدم آثارنا .
( كتبه محمد عبد الدايم 27 – 7 – 2010 م )