خيوط المطر
بلليني يا خيوط المطر
طهّري روحي المفعمة بالضجر
غوصي عميقاً في أوصالي
انبتي فيّ روح البشر
بلليني يا خيوط المطر
انزعي عني آخر الأقنعة
خاطبي فيّ ذاك الطفل
صغيراً
ركضت تحتك طويلاً
هل نسيتني ؟
هل هالك الشارب الأسود
وبعض الشيب في راسي
هذا أنا
أما عرفتني
تضاحكنا طويلاً
وهتفت لرعدك
والبروق
بلليني يا خيوط المطر
لن ارفع فوق رأسي مظلة
أعرفك جيداً
تحبينني
وإذا مرضت تعوديني
تطرقين نافذتي
تسيلين على زجاجها
ترسمين لعيوني الطفولية كل الصور
بلليني يا خيوط المطر
غادرت مقاعد الدرس
وملاعب الصبا
وملاهي الأمس
لم يبق لي الاك صديقة
أعرفها وتعرفني
كل الوجوه غريبة
تختبئ خلف الصور
لم يبق الا وجهك الرمادي
ذاك الأثير عندي
ذاك الحبيب إلى قلبي
كلما عاينت غيومك الراحلة
انتابني الأسى
وهتفت كالمذعور
إلى أين ياغيمات ؟!!
أمطرن على وجودي
أغرقن بالبلل أوصالي
( لن يميتني بعض المطر)
قلتها لأمي
يوم عدت أقطر من رأسي
إلى أخمص قدمي
نعم
(لن يميتني بعض المطر)
بلليني يا خيوط المطر
أنا أرض عطشى
انا بئر خاو ٍ
أنا صحراء
قطراتك تحييني
كما يحيي العشبَ الماء
كم سرت تحتك
وغمست أقدامي الصغيرة
بكل برك شوارع المدينة
وعدت للبيت
محملاً بقدمين مبتلتين
وحذاء بالي
بلليني يا خيوط المطر
و بعيداً عن الدفء خذيني
واغرسيني عميقاً في تراب حديقتنا
لعلي أنبت كل ربيع
كالعشب الأخضر
كزهرة أقحوان
تنمو وتكبر
منصور غالب مسعود