center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكتب الله لك مِن الأجر ما تعلو به منزلتك مع النبيين والصديقين والشهداء ، وأحسن الله إليك أحسانًا جزيلاً وقرّت عينك ووفقك الله وأدام فضلك وأعلا شأنك .
تعلمُ - وفقك الله - ما حصلَ مِن بعض المراكِز التجارية مِن توظيف المحاسِبات مِن النساء ، فتمّت مقاطعة هذه المراكِز وحثثت مَن أعرِف على مقاطعتها طاعةً لله واحتسابًا للأجر مِن عنده .
ثمّ طُرحِت عليّ شبهة قيل فيها : لماذا لا تقاطعون المستشفيات والمستوصفات طالما أنّ حُجّتكم في مقاطعة المراكِز التجارية هو وجود الاختلاط ؟
فكيف يُردُّ على مثل هذه الشبهة - وفقك الله وزادك مِن بركاته ونعمائه - ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
هذا كالذي قيل له في بيتك حريق ، فيقول : لا أُبالي ، لأن بيتي كان قد احترق قبل عشْر سَنوات !
أو كالذي قيل له : لِمَ لا تُصلِّي ؟ فيقول : كيف أُصلّي وأنا أدخِّن أو أتعاطى المخدرات ؟!
ورَحِم الله ابن حزم إذ يقول : لم أرَ لإبليس أصيد ولا أقبح ولا أحمق مِن كَلمتين ، ألقاهما على ألْسِنَة دُعَاته :
إحداهما : اعتذار مَن أساء بأن فُلانًا أساء قَبْله .
والثانية : استسهال الإنسان أن يُسيء اليوم لأنه قد أساء أمس ، أو أن يُسِيء في وَجه مَا لأنه قد أساء في غيره . فقد صارت هاتان الكلمتان عُذْرًا مُسَهِّلَتَين للشَّرّ ، ومُدْخِلَتين له في حَدّ ما يُعْرَف ويُحْمَل ولا يُنْكَر . اهـ .
فهل يُسوَّغ الشَّرَّ بِشَرٍّ قد سبَقَه ؟!
وهل الشرّ الموجود مثل الشرّ الْمُسْتَحْدَث ؟!
وهل ما يُضْطَرّ إليه الإنسان مثل ما لا يُضْطَرّ إليه ؟
فالمستشفيات لا يدخلها الإنسان للشِّراء ولا ِقَضاء أوقاته ، وإنما يدخلها في الغالب مُضْطَرًّا .
ومع ذلك فالعقلاء يَتنادون بضرورة التغيير ، ونَبْذ ما يُخالِف الشرع .
ولو وُجِدت مُستشفيات ومُستوصفات لا اختلاط فيها ، لَكَان النداء بِمقاطعتها مسموعا .
وفي المراكز الصِّحيّة في الأحياء (المستوصفات الصغيرة في الأحياء) تُوجَد أقسام خاصة بالنساء ، وأخرى خاصة بالرِّجال .
والمستطيع مادِّيًّا لا يلجأ إلى المستشفيات المختلَطة ، خاصة إذا تعلّق الأمر بِمَحَارِمه ، ولِسان حاله :
أصُون عِرضي بِمَالي لا أُدَنِّسُه *** لا بارك الله بعد العِرْض بِالمالِ
كما أن تلك الأسواق التي تُسهِّل الشرّ في عَمَل المرأة كَمُحَاسِبة ، هي شرّ وبلاء ، وهي تُنادي بِمزيد مِن الفساد الْمُؤذِن بالعقوبة ، كما قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
اقْشَعرّت الأرض وأظلمت السماء , وظَهر الفساد في البر والبحر مِن ظُلم الفَجَرة , وذهبت البركات , وقَلَّت الخيرات , وهَزُلت الوُحوش , وتكدّرت الحياة مِن فِسْق الظَّلَمة .
بَكَى ضوء النهار وظُلمة الليل مِن الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة , وشَكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح . وهذا والله مُنْذِر بِسَيْل عَذاب قد انعقد غَمَامه , ومُؤذِن بِلَيل بلاء قد ادْلَهَمّ ظلامه . فاعْزِلُوا عن طَريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح . وكأنكم بالباب وقد أُغْلِق , وبالرهن وقد غَلِق ، وبالجناح وقد عَلِق ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) . اهـ .
وبَدَلاً مِن أن يُسْعَى إلى تقليص الشرّ يستجيب بعض الناس أو يقِف مواقِف سلبية إزاء ازدياد الشرّ ، وهو بذلك مُعِين للمُفْسِدين في الأرض الذين ينشرون الفساد ، الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى : (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) .
ويُخْشَى على أولئك أن يدخلوا تحت قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ، وتحت قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) ؛ لأن ما يفعلونه مِن كُفران الـنِّعَم ، وليس مِن شُكْرِها ، وكُفران النِّعَم مُؤذِن بِزوالها ؛ لأن النِّعَم إنما تدوم بالشُّكْر ، وتزول بِكُفْرَانها .
وكُفران النِّعَم مِن كُفران الْمُنْعِم .
وكُفران النِّعَم مُؤذِن بِزوالها ، بل والعقوبة بِضِدِّها ، كما قال تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) .
قال ابن عادل الحنبلي في تفسيره : قوله تعالى : (بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً) فيه أوجه :
أحدها : أن الأصل : بَدَّلُوا شُكْر نِعمة الله كُفرا , كقوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ، أي : شُكْر رِزقكم ؛ وَجَب عليهم الشُّكْر ؛ فَوَضَعُوا مَوْضِعه الكُفر.
والثاني : أنَّهم بَدَّلُوا نَفْس النِّعْمَة كُفْرا على أنَّهم لَمَّا كَفَروها سُلِبُوها , فَبَقُوا مَسْلُوبي النعمة ، موصوفين بالكفر ، حاصلاً لهم . اهـ .
فلا أقلّ مِن إنكار ذلك بالقَلْب وبِاللسان ، ومِن لوازِم ذلك مُقاطعة تلك الأسواق التي تَسْعَى إلى الفساد والإفساد ، وإلاّ كان السَّاكِت الْمُدَاهِن مُوافِقًا ومُشَارِكًا لهم .
قال عليه الصلاة والسلام : إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا - وَقَالَ مَرَّةً : " أَنْكَرَهَا " - كَمَنْ غَابَ عَنْهَا ، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا . رواه أبو داود ، وحسّنه الألباني .
وقال عليه الصلاة والسلام : ستكون أمراء فتعرفون وتُنْكِرُون ، فمن عَرف بَرئ ، ومَن أنْكَر سَلِم ، ولكن مَن رَضِي وتَابَع . رواه مسلم .
ويجب أن يُسْعَى في تقليل الشرّ ما أمكن ، وقد ضَرَب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا للساكت الْمُداهِن ، والقائم بالحق ، فقال عليه الصلاة والسلام : مثل الْمُدهِنِ في حدود الله والواقع فيها ، مثل قَوم اسْتَهَمُوا سَفينة ، فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يَمُرُّون بالماء على الذين في أعلاها ، فتأذّوا به ، فأخذ فأسًا فَجَعَل يَنْقُر أسفل السفينة ، فأتَوه ، فقالوا : ما لك ؟ قال : تأذّيتم بي ، ولا بُدّ لي مِن الماء ! فإن أَخَذُوا على يديه أنْجَوه ونَجَّوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم . رواه البخاري .
وسبق :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وسبق أيضا :
الإفساد في الأرض..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
[/center][/size]
وكتب الله لك مِن الأجر ما تعلو به منزلتك مع النبيين والصديقين والشهداء ، وأحسن الله إليك أحسانًا جزيلاً وقرّت عينك ووفقك الله وأدام فضلك وأعلا شأنك .
تعلمُ - وفقك الله - ما حصلَ مِن بعض المراكِز التجارية مِن توظيف المحاسِبات مِن النساء ، فتمّت مقاطعة هذه المراكِز وحثثت مَن أعرِف على مقاطعتها طاعةً لله واحتسابًا للأجر مِن عنده .
ثمّ طُرحِت عليّ شبهة قيل فيها : لماذا لا تقاطعون المستشفيات والمستوصفات طالما أنّ حُجّتكم في مقاطعة المراكِز التجارية هو وجود الاختلاط ؟
فكيف يُردُّ على مثل هذه الشبهة - وفقك الله وزادك مِن بركاته ونعمائه - ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
هذا كالذي قيل له في بيتك حريق ، فيقول : لا أُبالي ، لأن بيتي كان قد احترق قبل عشْر سَنوات !
أو كالذي قيل له : لِمَ لا تُصلِّي ؟ فيقول : كيف أُصلّي وأنا أدخِّن أو أتعاطى المخدرات ؟!
ورَحِم الله ابن حزم إذ يقول : لم أرَ لإبليس أصيد ولا أقبح ولا أحمق مِن كَلمتين ، ألقاهما على ألْسِنَة دُعَاته :
إحداهما : اعتذار مَن أساء بأن فُلانًا أساء قَبْله .
والثانية : استسهال الإنسان أن يُسيء اليوم لأنه قد أساء أمس ، أو أن يُسِيء في وَجه مَا لأنه قد أساء في غيره . فقد صارت هاتان الكلمتان عُذْرًا مُسَهِّلَتَين للشَّرّ ، ومُدْخِلَتين له في حَدّ ما يُعْرَف ويُحْمَل ولا يُنْكَر . اهـ .
فهل يُسوَّغ الشَّرَّ بِشَرٍّ قد سبَقَه ؟!
وهل الشرّ الموجود مثل الشرّ الْمُسْتَحْدَث ؟!
وهل ما يُضْطَرّ إليه الإنسان مثل ما لا يُضْطَرّ إليه ؟
فالمستشفيات لا يدخلها الإنسان للشِّراء ولا ِقَضاء أوقاته ، وإنما يدخلها في الغالب مُضْطَرًّا .
ومع ذلك فالعقلاء يَتنادون بضرورة التغيير ، ونَبْذ ما يُخالِف الشرع .
ولو وُجِدت مُستشفيات ومُستوصفات لا اختلاط فيها ، لَكَان النداء بِمقاطعتها مسموعا .
وفي المراكز الصِّحيّة في الأحياء (المستوصفات الصغيرة في الأحياء) تُوجَد أقسام خاصة بالنساء ، وأخرى خاصة بالرِّجال .
والمستطيع مادِّيًّا لا يلجأ إلى المستشفيات المختلَطة ، خاصة إذا تعلّق الأمر بِمَحَارِمه ، ولِسان حاله :
أصُون عِرضي بِمَالي لا أُدَنِّسُه *** لا بارك الله بعد العِرْض بِالمالِ
كما أن تلك الأسواق التي تُسهِّل الشرّ في عَمَل المرأة كَمُحَاسِبة ، هي شرّ وبلاء ، وهي تُنادي بِمزيد مِن الفساد الْمُؤذِن بالعقوبة ، كما قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) .
قال ابن القيم رحمه الله :
اقْشَعرّت الأرض وأظلمت السماء , وظَهر الفساد في البر والبحر مِن ظُلم الفَجَرة , وذهبت البركات , وقَلَّت الخيرات , وهَزُلت الوُحوش , وتكدّرت الحياة مِن فِسْق الظَّلَمة .
بَكَى ضوء النهار وظُلمة الليل مِن الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة , وشَكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح . وهذا والله مُنْذِر بِسَيْل عَذاب قد انعقد غَمَامه , ومُؤذِن بِلَيل بلاء قد ادْلَهَمّ ظلامه . فاعْزِلُوا عن طَريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح . وكأنكم بالباب وقد أُغْلِق , وبالرهن وقد غَلِق ، وبالجناح وقد عَلِق ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) . اهـ .
وبَدَلاً مِن أن يُسْعَى إلى تقليص الشرّ يستجيب بعض الناس أو يقِف مواقِف سلبية إزاء ازدياد الشرّ ، وهو بذلك مُعِين للمُفْسِدين في الأرض الذين ينشرون الفساد ، الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى : (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) .
ويُخْشَى على أولئك أن يدخلوا تحت قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ، وتحت قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) ؛ لأن ما يفعلونه مِن كُفران الـنِّعَم ، وليس مِن شُكْرِها ، وكُفران النِّعَم مُؤذِن بِزوالها ؛ لأن النِّعَم إنما تدوم بالشُّكْر ، وتزول بِكُفْرَانها .
وكُفران النِّعَم مِن كُفران الْمُنْعِم .
وكُفران النِّعَم مُؤذِن بِزوالها ، بل والعقوبة بِضِدِّها ، كما قال تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) .
قال ابن عادل الحنبلي في تفسيره : قوله تعالى : (بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً) فيه أوجه :
أحدها : أن الأصل : بَدَّلُوا شُكْر نِعمة الله كُفرا , كقوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ، أي : شُكْر رِزقكم ؛ وَجَب عليهم الشُّكْر ؛ فَوَضَعُوا مَوْضِعه الكُفر.
والثاني : أنَّهم بَدَّلُوا نَفْس النِّعْمَة كُفْرا على أنَّهم لَمَّا كَفَروها سُلِبُوها , فَبَقُوا مَسْلُوبي النعمة ، موصوفين بالكفر ، حاصلاً لهم . اهـ .
فلا أقلّ مِن إنكار ذلك بالقَلْب وبِاللسان ، ومِن لوازِم ذلك مُقاطعة تلك الأسواق التي تَسْعَى إلى الفساد والإفساد ، وإلاّ كان السَّاكِت الْمُدَاهِن مُوافِقًا ومُشَارِكًا لهم .
قال عليه الصلاة والسلام : إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا - وَقَالَ مَرَّةً : " أَنْكَرَهَا " - كَمَنْ غَابَ عَنْهَا ، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا . رواه أبو داود ، وحسّنه الألباني .
وقال عليه الصلاة والسلام : ستكون أمراء فتعرفون وتُنْكِرُون ، فمن عَرف بَرئ ، ومَن أنْكَر سَلِم ، ولكن مَن رَضِي وتَابَع . رواه مسلم .
ويجب أن يُسْعَى في تقليل الشرّ ما أمكن ، وقد ضَرَب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا للساكت الْمُداهِن ، والقائم بالحق ، فقال عليه الصلاة والسلام : مثل الْمُدهِنِ في حدود الله والواقع فيها ، مثل قَوم اسْتَهَمُوا سَفينة ، فصار بعضهم في أسفلها ، وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يَمُرُّون بالماء على الذين في أعلاها ، فتأذّوا به ، فأخذ فأسًا فَجَعَل يَنْقُر أسفل السفينة ، فأتَوه ، فقالوا : ما لك ؟ قال : تأذّيتم بي ، ولا بُدّ لي مِن الماء ! فإن أَخَذُوا على يديه أنْجَوه ونَجَّوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم . رواه البخاري .
وسبق :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وسبق أيضا :
الإفساد في الأرض..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
[/center][/size]